شرط "الالتزام بالمواعيد"في العقود
محمود محمد علي صبره
استشاري الصياغة التشريعية للأمم المتحدة والبنك الدولي
الأصل أن تراخي أحد الطرفين في تنفيذ التزاماته العقدية لا يمثل،في حد ذاته،خرقا جوهريايُعطي للطرف الآخر الحق فيفسخ العقد. لكن، إذا كان التراخي يُشكل مخالفة لالتزام جوهري في العقد، جاز للطرف البريء عدم تنفيذ التزاماته والمطالبة بفسخ العقد.وتنص مادة (161) من القانون المدني المصري على أنه"فى العقود المُلزمة للجانبين إذا كانت الالتزامات المقابلة مستحقة الوفاء، جاز لكل من المتعاقدين ان يمتنع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم المتعاقد الأخر بتنفيذ ما التزم به." ويُسمى هذا المبدأ "مبدأ تقابل الالتزامات." ومثاله، في عقد القرض، إذا كان عدم تقديم البنك للقرض في موعده المحدد في العقد قد أدى إلى ضياع فرصة المقترض لشراء عقار معين، جاز له الامتناع عن تنفيذ التزامه والمطالبةبفسخ العقد.
ورغم أن المحاكم تطبق، عادة، مبدأ تقابل الالتزاماتفيما يتعلق بعدم الالتزام بالمواعيد، فإنها يُمكن أن تعطي الطرف المخالف وقتا إضافيا لإصلاح المخالفةإذا كان تطبيقها لذلك المبدأ سيؤدي إلى نتيجة غير عادلة، أو أن صياغة العقد لم تفصح بوضوح عن أن نية الطرفين قد انعقدت على إنهائه، أو أن التأخير كان بسيطا ولم يلحق "ضررا جسيما" بالطرف الآخر.
ولإلزام الطرف المخالف بالتنفيذ في المواعيد المحددة في العقد، يُمكن إدراج شرط فيه يُسمى "الالتزام بالمواعيدشرط جوهري" time is of the essence. وتعني هذه العبارة أن تنفيذ طرف ما لالتزاماته في المواعيد المحددة لها في العقد أمر ضروري حتى ينفذ الطرف الآخر التزاماته المقابلة.ويُستخدم هذا الشرط، خصوصا، في عقود الإنشاءات وتصنيع السلع والبيع والقرض وغيرها. لكن وجوده في حد ذاته لا يعني أن المحكمة مُلزمة دائما بأن تطبقه؛ إذ يجوز لها أن لا تطبقه إذا تبين لها أن التأخير كان بسيطا أو لفترة معقولة، أو أنه لم يلحق ضررا جسيما بالطرف البريء، أو كان لسبب أجنبي، أو أن العقد شابه عيب من عيوب الإرادة.
وفي عقود بيع البضائع، تعتبر المحاكم، عادة، أن مواعيد التسليم مهمة جدا. ويُعتبر عدم التزام البائع بالتسليم في الموعد المحدد مخالفة جوهرية للعقد حتى إذا لم يتضمن بندا ينص على أن الالتزام بالمواعيد شرط جوهري. ومع ذلك، لا ينطبق هذا الحكم في حال التخلف عن دفع قيمة البضاعة، وتعطي المحاكم في هذه الحالة فسحة من الوقت للدفع لأن التأخر في الدفع يمكن دائما التعويض عنه بدفع فائدة بنكية.
لذلك، من المهم عند صياغة هذا الشرط ان ينص بوضوح على أن الالتزام بالتنفيذ في المواعيد المحددة فيه أمر مهم جدا للطرفين، أو لأحدهما، وأن عدم الالتزام بذلك يُعتبر في حد ذاته خرقا جوهريا للعقد. وبالتالي، فإن أي تأخير، سواء كان معقولا أو غير معقول، بسيطا أو كبيرا، وسواء ترتب على حدوثه ضرر بسيط أو جسيم،يُبرر للطرف البريءإنهاء العقد،مادام لم يحدث ذلك التأخيرلسبب أجنبي. ومالم يكن قد شاب إرادة الطرفين عيب من عيوب الرضا، لن تجد المحكمة مناصا من تطبيق هذا الشرط طبقا لمبدأ "العقد شريعة المتعاقدين."