قرار وزيرة التخطيط  بين عيوب الصياغة وآليات التنفيذ

قرار وزيرة التخطيط بين عيوب الصياغة وآليات التنفيذ

 

محمود محمد علي صبره
استشاري الصياغة التشريعية للأمم المتحدة والبنك الدولي

قرار وزيرة التخطيط بين عيوب الصياغة وآليات التنفيذ

1. يُفترض في أي تشريع أو لائحة أو قرار أن يحمل عنوانا يفصح عن مضمونه. ويُلاحظ أن القرار الوزاري رقم 27 لسنة 2024 لا يحمل عنوانا يفصح عن موضوعه؛ وهو رفع الحد الأدنى للأجور.
2. صيغت الفقرة (2) من ديباجة القرار يصيغة "بعد الاطلاع على" قانون العمل، والأدق في التعبير، صياغتها كالتالي "استنادا إلى السلطة المخولة لنا بموجب مادة (34) من قانون العمل ...."
3. لم تشر الديباجة إلى القرارات السابقة بزيادة الحد الأدنى للأجور (3 قرارات منذ يناير 2022).
4. المادة الأولى "يكون الحد الأدنى للأجر بالقطاع الخاص 6000 جنيه". فعل "يكون" لا يعبر عن "زيادة" الحد الأدنى للأجور وليس إقراره لأول مرة لأنه سبق تحديده وزيادته قبل ذلك 3 مرات، والأدق في التعبير صياغتها كالتالي "يُزاد الحد الأدنى للأجور في الجهات الخاضعة لأحكام قانون العمل ...... من 3500 جنيه إلى 6000 جنيه ....."
5. تضمنت المادتان الثانية والثالثة استثناءان للقاعدة المقررة في المادة الأولى دون أن تتم الإحالة إليهما في المادة الأولى. والأدق في التعبير، عند وضع قاعدة قانونية لها استثناءات أن يُحال في القاعدة إلى الاستثناء، وفي الاستثناء إلى القاعدة، كالتالي:
المادة الأولى: مع مراعاة ما ورد في المادة الثانية، يُزاد الحد الأدنى للأجور .....
المادة الثانية: استثناء من ما ورد في المادة الأولى، يُستثنى من الخضوع لحُكم المادة الأولى ما يلي: 1) ×××××؛ 2) ×××××.
6. لم يُشر القرار إلى آلية تنفيذه. ويُذكر أن وزارة العمل هي الجهة التي تتولى تنفيذه، وقد أصدرت بالفعل كتابا دوريا إلى مديريات العمل بالمحافظات لتعميمه على منشآت العمل ومتابعة تنفيذه.
7. يثور سؤال مهم بخصوص هذا القرار حول ما إذا كان ما تضمنه يعتبر قرارا إداريا أم تشريعا. وفي رأينا، أن القرار يعتبر تشريعا وليس قرارا إداريا لأن قانون العمل في مادته (34) فوّض المجلس القومي للأجور في وضع الحد الأدنى للأجور، ومادام المجلس قد تم تفويضه في ذلك بتشريع، يجوز له وضع قواعد قانونية عامة ومجردة وتعتبر هذه القواعد في مرتبة التشريع.
8. لم يتضمن لا القرار ولا قانون العمل تحديد عقوبة على من يخالف حُكم تحديد الحد الأدنى للأجر. لكن الكتاب الدوري الذي أصدرته وزارة العمل أشار إلى مادة (45) من القانون التي تنص على أنه " لا تبرأ ذمة صاحب العمل من الأجر إلا إذا وقع العامل بما يفيد استلام الأجر في السجل المعد لذلك، أو في كشوف الأجور ...." ونص على أنه "في حال مُخالفة المنشأة لأحكام هذا القرار يتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضدها ... كما لو كان العامل لم يصرف الأجر أو صرفه منقوصاً." يُذكر أنه سبق أن أصدرت وزارة القوى العاملة كتابًا دوريًا في يناير 2023 حددت فيه غرامات مالية على المنشأة لا تقل عن 100 جنيه ولا تتجاوز 500 جنيه إذا خالفت القرار، وتتعدد الغرامة بتعدد العمال.
9. تثور هنا 3 أسئلة مهمة: 1) هل يجوز تضمين الكتاب الدوري عقوبات؟ 2) هل الاكتفاء بالإشارة إلى ما نصت عليه مادة (45) من القانون ينسجم مع طابع العقوبة؟ 3) هل يجوز تضمين القرار الوزاري محل البحث فرض عقوبات؟ وفي رأينا، أنه في الحالات الثلاثة، الإجابة بالنفي. وحتى مع فرض أن القرار الوزاري الماثل يعتبر في جوهره تشريعا، فإن فرض العقوبات يجب أن يكون بقانون وليس بأية أداة أدنى من ذلك. ومن ثم، تفتقد صياغة القرار إلى الكفاءة والفعالية.